رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

وسقطت حماة بعد حلب .. هل باتت أيام بشار الأسد معدودة في دمشق؟

المصير

الخميس, 5 ديسمبر, 2024

03:51 م

شهدت سوريا خلال الأيام الماضية تطورات عسكرية وسياسية متسارعة قلبت موازين القوى على الأرض. فقد تمكنت فصائل المعارضة المسلحة، بقيادة "هيئة أحرار الشام"، من السيطرة على مدينة حلب، ثاني أكبر المدن السورية وعاصمتها الاقتصادية، في حدث تاريخي يُعد الأول من نوعه منذ اندلاع الصراع في سوريا. 
وقبل  ساعات قليلة، أعلن الجيش السوري النظامي انسحابه من مدينة حماة، لتسقط هي الأخرى في يد المعارضة، ما يطرح تساؤلات جدية حول مستقبل نظام بشار الأسد وإمكانية تقدُّم المعارضة نحو دمشق.

# سقوط حلب وحماة: نقطة تحول في الصراع

لسنوات، اعتبرت مدينة حلب قلعةً حصينة للنظام السوري ومركزًا اقتصاديًا استراتيجيًا. السيطرة عليها تمثل ضربة قاصمة لسلطة الأسد، خاصة وأن سقوطها جاء بعد هجوم شامل وغير مسبوق شنته فصائل المعارضة المسلحة باستخدام تكتيكات عسكرية جديدة.

أما سقوط حماة، المدينة التي تُعتبر محورًا استراتيجيًا يصل الشمال بالجنوب السوري، فيؤكد أن المعارضة تمكنت من كسر حالة الجمود العسكري التي سادت خلال السنوات الماضية، لتنتقل المعركة من مرحلة الدفاع إلى الهجوم المباشر.

 تكتيكات المعارضة ودور المسيرات في قلب المعادلة

الهجوم الأخير الذي شنته المعارضة السورية جاء مدعومًا بتكتيكات عسكرية مبتكرة وأسلحة نوعية أحدثت تغييرًا جذريًا في موازين القوى. من أبرز هذه التكتيكات استخدام مسيرات "شاهين" التركية الصنع، التي أثبتت فاعليتها في استهداف مواقع الجيش السوري النظامي بدقة عالية، ما أدى إلى انهيار خطوط الدفاع بشكل سريع.

بالإضافة إلى ذلك، اعتمدت المعارضة على استراتيجيات "الكر والفر" والهجوم المباغت على خطوط الإمداد الخلفية للجيش النظامي، وهو ما أضعف قدرته على الصمود وأجبره على الانسحاب من مواقع استراتيجية.

من يمول ويسلح المعارضة؟

الدعم الذي تتلقاه المعارضة السورية كان العامل الحاسم في تغيير قواعد اللعبة. تشير تقارير دولية إلى أن تركيا تعد الممول الرئيسي للمعارضة، حيث زودتها بالأسلحة النوعية والمعلومات الاستخباراتية. كما لعبت دول خليجية دورًا بارزًا في توفير التمويل المالي لدعم العمليات العسكرية.

 تراجع الدعم الروسي والإيراني للأسد

في المقابل، يعاني النظام السوري من تراجع ملحوظ في الدعم العسكري واللوجستي من حلفائه الرئيسيين، روسيا وإيران.

- *روسيا*: منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، تحولت أولويات روسيا نحو جبهتها الغربية، ما أدى إلى تقليص وجودها العسكري في سوريا. تشير تقارير إلى أن روسيا سحبت العديد من قواتها وأسلحتها المتطورة من سوريا لدعم عملياتها في أوكرانيا، ما أثر بشكل كبير على قدرة النظام السوري على مواجهة المعارضة.

- *إيران وحزب الله*: تراجع دورهم بسبب الحرب المفتوحة التي تخوضها إيران مباشرة وحزب الله مع دولة الاحتلال الإسرائيلي 

 هل باتت أيام الأسد معدودة؟

مع التطورات الأخيرة، تبرز عدة سيناريوهات محتملة لمستقبل الصراع في سوريا:

1. *تقدم المعارضة نحو دمشق*: مع تراجع الجيش النظامي وانهيار خطوط دفاعه في الشمال والوسط، قد تتمكن المعارضة من التقدم نحو دمشق في محاولة للإطاحة بنظام الأسد. هذا السيناريو يبدو ممكنًا إذا استمرت المعارضة في تحقيق انتصارات ميدانية بنفس الوتيرة.

2. *تدخل إيراني وروسي مكثف*: رغم تراجع الدعم في الفترة الأخيرة، قد تضطر إيران وروسيا إلى تكثيف تدخلاتهما العسكرية لإنقاذ الأسد إذا شعرتا بأن سقوط دمشق بات وشيكًا. هذا السيناريو قد يؤدي إلى تصعيد خطير في الصراع.

3. *الحل السياسي*: مع تفاقم الأزمة، قد يجد الأسد نفسه مضطرًا للجلوس مع المعارضة على طاولة المفاوضات، سواء برعاية إقليمية من تركيا وأردوغان أو برعاية دولية. هذا السيناريو يواجه تحديات كبيرة نظرًا لانعدام الثقة بين الأطراف.

 المعارضة بين الصمود والتحديات

رغم الانتصارات الأخيرة، تواجه المعارضة السورية تحديات كبيرة. أبرز هذه التحديات هو قدرتها على الحفاظ على المناطق التي سيطرت عليها وتأمينها ضد أي هجمات مضادة من الجيش النظامي. كما أن التنافس بين الفصائل المختلفة قد يهدد وحدة المعارضة ويعرقل جهودها للتقدم نحو دمشق.

 

ملامح المستقبل: معركة مفتوحة على كل الاحتمالات

الصراع في سوريا يدخل مرحلة جديدة مع سقوط حلب وحماة في يد المعارضة. الأيام المقبلة ستكشف ما إذا كانت المعارضة قادرة على تحقيق انتصارات أخرى قد تُمهد لسقوط النظام، أم أن حلفاء الأسد سيعيدون ترتيب أوراقهم لدعمه.

في جميع الأحوال، يبدو أن سوريا على أعتاب مرحلة حاسمة ستحدد مستقبلها السياسي والعسكري لعقود قادمة.